الجمعة، 28 فبراير 2014

تاريخ الأمة الإسلامية بين الدس والتحريف والتنقيح



الكاتب / احمد الملا

إن الأمة الإسلامية كنظرياتها من الأمم الأخرى لها تاريخ وتراث عميق, لكن ذلك التاريخ والتراث ذو الجذور العميقة مليء باللغط والاشتباه والتحريف والتزييف بسبب تعاقب وتوالي الحكومات الظالمة سعت إلى تحريف التاريخ من أجل أن يعلو شانها وتؤسس لها جذور بين الأمم لكي تحقق السطوة إلى أبعد فترة ممكنة, فعمدت إلى الضغط على المؤرخين والعلماء ومارست سطوتها عليهم من أجل أن يكتبوا ويحرفوا ويزوروا في التاريخ بشكل يتناغم مع مصالحهم, بالإضافة إلى وجود النفعيين وطلاب الدنيا والجاه من وعاظ السلاطين من أصحاب الأقلام المأجورة, حتى وصل التحريف والتزييف إلى عمق وأصل العقائد الإسلامية.
حتى صارت الأمة الإسلامية ممزقة إلى أشلاء, كل امة تلعن أختها, بسبب الاعتقاد الخاطئ والناتج من التحريف والدس والتزوير في التاريخ, فتأسست الطائفية والمذهبية, وشاع القتل والتطريد والتهجير والترويع في ما بين أبناء الدين الواحد, حتى طمس شعار الوحدة الإسلامية وأصبح في طي النسيان وغياهب الكتب التي طغى عليها ما دس من نقولات تاريخية بسبب الأقلام المأجورة والضمائر الميتة وضغوط الحكومات الجائرة, وما يعيشه العالم العربي عموما والعراقي خصوصا هو خير شاهد على ذلك, حيث الطائفية المقيتة والفرقة وانهار الدم تجري دون توقف.
لذا صار على كل عالم ومتصدي لأمور المسلمين وخصوصا الزعامات الدينية " المراجع " أن يزكوا ما عندهم من علم ويقوموا بتنقيح التاريخ الإسلامي وتدقيقه جيدا وتنقيته من كل الشوائب التي أصابته من قبل طائفيي المذهب الشيعي والمذهب السني, وإظهار الحقائق التاريخية كما هي دون أي رتوش أو تزويق وتحريف وبكل أمانة عليمة ووسطية وحيادية, وبعيدا عن أي تعصب مذهبي أو طائفي, وعدم الانجرار خلف مغريات الدنيا أو نزوات ورغبات الحكومات الجائرة.
لذا انبرى سماحة السيد الصرخي الحسني ذلك المرجع الديني الذي عرف عنه الاعتدال بمواقفه الرافضة للتعصب والطائفية لتناول التاريخ الإسلامي بكل موضوعية وأمانة علمية بعيدا عن التعصب الطائفي في تنقيح التاريخ الإسلامي من خلال اختياره للمؤرخ أبي مخنف الذي يعد مقبولا عند مذهب أهل السنة أكثر من الشيعة كونه يمتاز بتلك الأمانة العلمية في النقل التاريخي.
وابرز ما تناوله السيد الصرخي الحسني هو شخصية المختار الثقفي, تلك الشخصية التاريخية التي أثارت جدلا بين الكثير من العلماء والمحققين والمؤرخين من حيث مدى مشروعية حركته وطلبه بثأر الإمام الحسين عليه السلام من جهة ومن ناحية معتقده فاسدا كان أو صالحا كان من جهة أخرى .
لكن ما يثير الاستغراب والتساؤل أن هذه المحاضرات يتم خلالها تناول استفتاءات وأراء مرجعيات دينية من داخل المذهب الشيعي ويتم تفنيدها وإبطالها فلا تجد لهم أي ردة فعل تجاه ما يطرحه ذلك المرجع " واقصد به السيد الصرخي الحسني " ويشير لهم بالأسماء, يذكرهم بالأسماء, فأين هم من التصدي العلمي؟ وأين هم من زكاة علمهم ؟ وأين هم من العناوين التي يحملونها ؟ فهل يعقل منهم حمل عنوان المرجع الديني الذي هو مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الناس عن كل انحراف يحصل في عقيدة الفرد فما بالك بمجتمع كامل ؟؟!!.
رغم انه في الكثير من الأحيان نجد أن هؤلاء ينسخون بعض مواقف السيد الصرخي الحسني ويطبقون منهجيته ويفعلون كل ما يفعله ولو بعد حين, نظرا لما يمتلكونه من إمكانيات مادية وإعلامية فسيخرون تلك الوسائل في تطبيق ما ينسخونه لكي يحسب لهم, ولان مواقف السيد الصرخي الحسني قد تضيع أمام السطوة المادية والإعلامية التي يمتلكونها فلا تجدها تبرز إعلاميا كما تبرز عندهم.
لكن الأمر المفاجئ هو القضية العلمية فهم لا يمتلكون أدنى ردة فعل تجاه منهجه العلمي الراقي والمتفرد في كيفية تناول الموضوعات وتحليلها بأسلوب سلس استدلالي ومعمق وموضوعي بعيد كل البعد عن السطحية أو التعصب الطائفي, لان العلم والتميز العلمي لا يخضع لسيطرتهم المادية والإعلامية بل هو إطلاقا لا يتأثر بتلك المسميات, فهو حليف من اجتهد ودرس, فتحصل المعارف ويحافظ عليها بالتواصل والمثابرة والعطاء .
ومن هنا يفترض بأي إنسان يريد أن يطلع ويتابع ويقرأ التاريخ ويتعلم كيفية تناول القضايا التاريخية عليه أن يطلع على تلك المحاضرات التي يلقيها السيد الصرخي الحسني ويكون الإطلاع بدقة ومتابعة شديدة لكي يستفاد منها ومن المنهجية العلمية التي تطرح بغض النظر عن الانتماء الطائفي المذهبي فالإنسان المثقف والكاتب والإعلامي يبحث عن الحقائق كما هي ليزيد من معارفه وثقافته التاريخية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق